هل  سيكون الشرق الأوسط على الهامش في الألفية الثالثة ؟

بقلم بينو روتا  و ترجمة  عزت محمد  حسن 


  لا نحب أن نذكر ذلك ولكن للأسف فقد تنبأنا منذ عامين عندما نشرنا في العدد الخاص  " المتوَسِط بحر للالتقاء "      أثناء تلك التحليلات السابقة كانت رياح الحرب قوية طاغية وكانت تطوي في ثناياها هواجس القلق التي أصبحت اليوم واقعاً   تلك الهواجس و ذلك القلق ليس فقط  بسبب  اعتبار  جزء  من المتوسط و الشرق الأوسط على أنة مسرح للعديد من الأحداث  الدموية ولكن أيضاً بسبب  الشعور النفسي الجماعي الثابت في الضمائر الأوربية  و المدركة بأن الأزمة السياسية العالمية التي تؤثر مباشرة في كل واحد منا  هي في طريقها أن تصبح حقيقة لابد من التعايش معها و لمدة لا يعرف مداها إلا الله .

إن المساحة المتروكة للاختيار بين تأييد الإرهابيين أو تأييد المحرضين على الحرب تعتبر مساحة ضيقة و خانق  و لا يمكن قبول ذلك المنطق ولكن يجب أن نعمل لتجديد السياسة و الحوار الدولي و إلا فإن تلك المساحة الصغيرة سوف تكون محاطة بالعديد من الأسوار .

تلك المساحة سوف تضيق بنا جميعا ففي نفس الوقت الذي نرى اتساع التعاون مع شرق أوربا  و إزالة الأسوار و توسع الأسواق.   في الحقيقة  نجد أن غلق المساحة يمثل اختناق  للبلاد التي لها منفذ تجاري و ثقافي  على البحر  و أي مشروع مستقبلي.

 لا يمكن تخيل البقاء و تقدير الجذور الثقافية لشعب ما   إذا كان الانتقال فقط من بلد إلى آخر قد أصبح مصدر قلق و هذا طبعاً لوجود الأخطار المتربصة بالمواطنين .

تلك الهواجس تجول بخاطر كل واحد منّا . معظم الإيطاليين يلجأ ون للعرض الكلامي  المليء بالإحساس الرخيص .

 

فكما يقول ليوناردو شاشا الكاتب الإيطالي الشهير : إن أمان السلطة يرجع لعدم استقرار المواطنين .

في هذه الأحوال نجد أن تنفيذ مشاريع الأحداث الرياضية الكبرى ذات الأهمية التاريخية مثل الأولمبياد التي ستقام على أرض اليونان هذا العام ستكون تلك المشروعات بمثابة تنفيذ دورة رياضية محصّنة لأن وجود أنظمة الأمان و الدفاع المسلحة ضد الإرهاب سوف تغطي على صورة و مفهوم  الأولمبياد الرياضية كرمز للسلام في العالم .

ستتناقش وسائل الإعلام و تتحير على من تلقي بالمسؤولية هل على الإرهاب و على من يقول أن الحرب هي سبب الإرهاب .

نعتقد أن الإرهاب و الحرب حتّى و إن كانتا متزامنتين إلا أن أهدافهما مختلفة  و متفاوتة عما نراه في التلفزة . لذلك و في نفس الإطار يجب أن نسأل أنفسنا : ما معنى التعيش و الانخراط  و التبادل الاجتماعي و الثقافي ؟ و هل الصدام بين الحضارة الغربية متمثل في السياسة العدوانية للولايات المتحدة من جهة و بين العالم الإسلامي الذي يصور لنا على صفحات الجرائد ووسائل الإعلام على أنه فقط إرهاب و بأنه لا يتورع في نشر الموت و الكره  . هل تعتبر تلك المعطيات شيء مسلم به يجب علينا قبوله و التعيش معه .

كانت أوربا لبعض سنوات مضت تقدم النموذج الجيد للاندماج الثقافي بين هذين العالمين عن طريق دورها في التوسط الثقافي و السياسي و الاقتصادي ولكن بسبب الحرب على العراق العام الماضي و المستمرة للأسف حتى الآن و بسبب الاحتلال الإسرائيلي  أيضا لفلسطين  فأن ذلك الدور الأوربي قد تقلص و توقف لمدى لا يعرفه إلا الله  .

هذه هي فقط المعطيات أما النتائج فسوف نراها فيما بعد على المستوى الثقافي و الاقتصادي و خاصة في بلاد مثل إيطاليا و أسبانيا و فرنسا و اليونان فهذه البلاد لها جذور تاريخية مرتبطة ببلاد البحر المتوسط .

إذا نظرنا إلى الحقبة التاريخية العظمى  بين عام 1600 و عام 1800 ميلادية سنجد أن تلك الحقبة تشبه إلى حد كبير و بدون مبالغة هذه اللحظة التاريخية , ففي تلك الفترة انتقلت المعاملات التجارية من البحر المتوسط إلى المحيط الأطلسي ناقلة معها مَحَطّ أنظار و اهتمام  العالم  الاقتصادي و الاجتماعي من الجنوب إلى الشمال  . تلك النظرة الأطلسية آخذة الآن في الاتساع فهي تنقل اهتمام الغرب ليس إلى دول الشمال ولكن إلى دول الشرق بذاوية ميل تصل من نيويورك إلى موسكو ماراً شمال خط عرض 38 . سوف يتوجب مرور بعض الوقت لتدعيم إثبات تلك الاحتمالات  يمكن عشرات السنين ففي نفس الوقت يصبح مناسبا لهذه المصالح البقاء على الوضع من  المتأزم  و عدم الاستقرار للمناخ السائد من منطقة البحر المتوسط إلى الخليج العربي . هل يمكن أن نعتبر هذا الوضع غير قابل للتغيير ؟ هذا المصير من الممكن أن لا يتغير إذا نجح بوش في الانتخابات الأمريكية القادمة  , وحتى لو غير الأمريكيون رأيهم في الانتخابات فسوف نحتاج إلى وقت كبير لإنقاذ ما  أنجزت أوربا من قبل ولإنقاذ ما    دمّره بوش  , طبعاً سنحتاج إلى بعض السنين وليس عشرات السنين بمعنى أننا نطلب هذا التغير في أقرب وقت ممكن . إن التزام أوربا بأن تمد اهتماماتها الاقتصادية وغيرها إلى جنوب المتوسط سيكون حقيقة شيء جديد في مطلع هذا القرن الذي بدأناه الآن .

بجانب الاتحاد الأوربي سيكون هناك في الأفق الاتحاد الأفريقي الناشيء بدفعه من ألقذافي رئيس ليبيا , من هنا نقول أن هذين الواقعين السياسيين ذات الأهمية الكبرى اقتصادياً و سياسياً سيتحولان  إلى مركز جذب الاهتمام العالمي . إن نظرة العالم إلى نظام تعاون متعدد الجوانب لا يتوافق مع النظرة الوحدوية للولايات المتحدة الأمريكية و بهذا فسوف يتشكل 3 مناطق كبرى ذات أهمية اقتصادية و سياسية و هي : المنطقة الأفرو أوربية و المنطقة الآسيوية ( أهمية خاصة للصين محصنة ضد السارس و هو السلاح البكتيري الحقيقي ) و المنطقة الأمريكية الشمالية . النتيجة بكل تأكيد ستكون ملفتة للنظر وهي إمكانية قيام اهتمامات سياسية في بلدان أمريكا الوسطى و الجنوبية .           

 

 



HELIOS Magazine

e-mai: heliosmag@virgilio.it